كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويقال ذل يذل ذلا وذلة ومذلة فهو ذاك وذليل ومعنى الذل بالكسر السمح عنهما يقال رجل ذليل بين الذل إذا كان سمحا لينا مواتيا وكذلك يقال دابة ذلول بين الذل إذا كان مواتيا ومنه: {وذللت قطوفها تذليلا}.
32- وقوله جل وعز: {ربكم أعلم بكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا} روى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال الأوابون وهو الراجعون إلى الخير كما في قول الله {إنه أواب} قال أبو جعفر قرئ على الفريابي عن قتيبة قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن حنش بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال الأواب الحفيظ الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها وروى سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير في قوله تعالى: {إنه كان للأوابين غفورا} قال هم الذين يذكرون ذنوبهم في الخلا ثم يستغفرون الله وروى يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب الأواب الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ثم يتوب قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة والأصل في هذا أنه يقال آب يئوب إذا رجع فهو آيب وأواب على التكثير.
33- وقوله جل وعز: {وآت ذا القربى حقه} قال عكرمة أي صلته التي تريد أن تصله بها.
34- ثم قال تعالى: {والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا}. روى حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال التبذير النفقة في غير طاعة الله وكذلك روى عن عبد الله بن مسعود إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين معنى إخوان الشياطين أي في المعصية لما عصوا وعصا أولئك جمعتهم المعصية فسموا إخوانا وكلما جمعت شيئا إلى شيء فقد آخيت بينهما ومنه إخاء النبي له بين أصحابه.
35- وقوله جل وعز: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا}.
قال قتادة أي عدهم وقال عكرمة إن أعرضت عنهم لرزق تنتظره فعدهم وقل لهم سيكون فإذا جاءنا شيء أعطيناكم وقال الحسن قولا ميسورا أي لينا والمعنى عند أهل اللغة يسر فقرهم عليهم بدعائك لهم.
36- ثم قال جل وعز: {ولا تجعل يدك مغلوله إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} قال قتادة ولا تجعل يدك مغلوله إلى عنقك أي لا تمتنع من النفقة في الطاعة ولا تبسطها كل البسط أي لا تنفق في معصية فتقعد ملوما محسورا قال عكرمة وقتادة أي نادما وروى ابن أبى نجيح عن مجاهد فتقعد ملوما قال مذنبا أو آثما محسورا قد انقطع بك قال أبو جعفر وكذلك المحسور في اللغة يقول حسره السفر إذا انقطع به وكذلك البعير حسير ومحسور إذا انقطع ووقف وهو أشد من الكلال.
37- وقوله جل وعز: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} الإملاق الفقر وكانوا يئدون بناتهم.
38- وقوله جل وعز: {إن قتلهم كان خطاء كبيرا} بكسر الخاء والمد وروى عن الحسن كان خطاء بفتح الخاء والمد قال أبو جعفر وأعرف هذه القراءات عند أهل اللغة كان خطأ كبيرا قال أبن جريج وزعم أنه قوله ابن عباس وهو قول مجاهد الخطأ الخطيئة قال أبو جعفر وهذا المعروف في اللغة يقال خطئ يخطأ خطأ إذا اثم وتعمد الذنب وقد حكى في المصدر خطأ وأخطأ يخطئ إخطاء والأسم الخطأ إذا لم يتعمد الذنب فأما قراءة من قرأ كان خطاء بالكسر والمد والفتح والمد فلا يعرف في اللغة ولا في كلام العرب.
39- وقوله جل وعز: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} بين هذا الحديث لا يحل دم أمرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خلال شرك بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس.
40- ثم قال جل وعز: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا} اختلف المتقدمون من العلماء في السلطان الذي جعل للولي. فروى خصيف عن مجاهد قال حجته التي جعلت له أن يقتل قاتله وذهب جماعة من العلماء إلى أن هذا هو السلطان الذي جعل له وأنه ليس له أن يأخذ الدية إلا أن يشاء القاتل وقال الضحاك في السلطان الذي جعل له إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا والقول عند أهل المدينة وأهل الكوفة قول مجاهد إن السلطان ههنا القود خاصة لا ما سواه وذهب الشافعي رحمه الله إلى قول الضحاك غير أنه قال كان يستحق إذا عفا أخذ الدية أشترط ذلك أو لم يشترطه والحجة له فمن عفي له من أخيه شئ والحديث: «ولي المقتول بأحد النظرين».
41- ثم قال جل وعز: {فلا يسرف في القتل} روى خصيف عن مجاهد قال لا يقتل غير قاتله وروى منصور عن طلق بن حبيب قال لا تقتل غير قاتلك ولا تمثل به وروى خصيف عن سعيد بن جبير قال لا يقتل اثنين بواحد وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال لا يقتل أبا القاتل ولا ابنه وقرأ حذيفة فلا تسرف في القتل بالتاء وروى العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد قال هو للقاتل الأول والمعنى عنده على هذا فلا تسرف أيها القاتل.
42- ثم قال جل وعز: {إنه كان منصورا} روى ابن كثير عن مجاهد قال إن المقتول كان منصورا قال أبو جعفر الأبين بالياء وتكون للولي لأنه إنما يقال لا يسرف لمن كان له أن يقتل فهذا للولي وقد يجوز بالتاء ويكون للولي أيضا إلا أنه يحتاج فيه إلى تحويل المخاطبة.
43- وقوله جل وعز: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} قال محمد سألت عبيدة عن قوله تعالى: {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} فقال يستقرض فإذا استغنى رد ثم تلا فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وقال أبو العالية نحوا من هذا وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ما يقوي هذا حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد النحوي قال حدثنا الحسن بن غليب قال نا يوسف بن عدي قال نا أبو الأحوص عن أبي إسحق عن يرفا مولى عمر قال قال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه يا يرفا إني أنزلت مال الله مني بمنزلة مال اليتيم إذا احتجت أخذت منه فإذا أيسرت رددته وإني إن استغنيت استعففت عنه فإني قد وليت من أمر المسلمين أمرا عظيما وقال سعيد بن المسيب لا يشرب الماء من مال اليتم قال فقلت له إن الله يقول ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال فقال إنما ذلك لخدمتة صلى الله عليه وسلم وغسل ثوبه وروى أبو يحيى وليث عن مجاهد قال لا تقرب مال اليتيم إلا للتجارة ولا تستقرض قال فأما قوله تعالى: {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} فإنما معناه فليأكل من ماله بالمعروف يعني من مال نفسه وقال بهذا جماعة من الفقهاء وأهل النظر حتى قال أبو يوسف لعل قوله ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف منسوخ بقوله يا أيها الذين آمنو لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل.
44- ثم قال جل وعز: {حتى يبلغ أشده} وبيان هذا في قوله حتى إذا بلغوا النكاح قال مجاهد أي الحلم.
45- وقوله جل وعز: {وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم} روى ابن جريج عن مجاهد قال القسطاس العدل وقال الضحاك هو الميزان.
46- ثم قال تعالى: {ذلك خير وأحسن تأويلا} قال قتادة أي أحسن عاقبة أي ما يئول إليه الأمر في الدنيا والآخرة وقيل أحسن من النقصان.
47- وقوله جل وعز: {ولا تقف ما ليس لك به علم} روى عن ابن عباس قال لا تقل ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا قال يسأل أكان ذاك أم لا وقال ابن الحنفية رحمة الله عليه هذا في شهادة الزور وروى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد قال لا تقف لا ترم قال أبو جعفر وهذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد وهو من قفوت الشيء أي اتبعت أثره والمعنى لا تتبعن لسانك ما لم تعلمه فتتكلم بالحدس والظن وحكى الكسائي ولا تقف من القيافة وهو بمعنى الأول على القلب. 48- وقوله جل وعز: {ولا تمش في الأرض مرحا} أي متكبرا متبذخا.
49- ثم قال جل وعز: {إنك لن تحرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا} فيه لأهل اللغة قولان أحدهما أن المعنى إنك لن تنقب الأرض والآخر لن تقطعها كلها قال أبو جعفر وهذا أبين كأنه مأخوذ من الخرق وهو الصحراء الواسعة ويقال فلان أخرق من فلان أي أكثر سفرا وغزوا منه.
50- وقوله جل ثناؤه: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها} ويقرأ سيئة عند ربك مكروها وقيل الأول أبين لأنه قد تقدم قوله وآت ذا القربى حقه وأشياء حسنة وسيئة فقال كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها وأيضا فإنه لم يقل مكروهة.
51- ثم قال جل وعز: {ذلك مما اوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا} أي مقصى مباعدا ومنه اللهم ادحر عنا الشيطان.
52- ثم قال جل وعز: {أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا} لأنهم قالوا الملائكة بنات الله تعالى الله.
53- وقوله جل وعز: {قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا} قال قتادة المعنى إذا لتقربوا إلى الله وقال سعيد بن جبير إذا لطلبوا إليه طريقا للوصول ليزيلوا ملكه جل وعز.
54- وقوله جل وعز: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} قيل تسبيحه لدلالته على قدرة الله وأنه خالقه وأكثر أهل التفسير منهم عكرمة على أن المعنى وإن من شيء فيه الروح إلا يسبح بحمده قال أبو جعفر وهذا القول أولى لأنه قال ولكن لا تفقهون تسبيحهم.
55- وقوله جل وعز: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا} فيه قولان أحدهما أن الحجاب الطبع على قلوبهم ودل على هذا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه والقول الآخر أن الحجاب منع الله إياه منهم.
56- ثم قال جل وعز: {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا} قال أبو الجوزاء الذكر قول لا إله إلا الله.
57- ثم قال تعالى: {نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى} أي ذوو نجوة أي سرار ثم بين ما يتناجون به فقال جل ثناءه: {إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا} في معناه قولان قال مجاهد أي مخدوعا وقال أبو عبيدة أي له سحر والسحر والسحر الرئة والمعنى عنده إن تتبعون إلا بشرا أي ليس بملك قال أبو جعفر والقول الأول أنسب بالمعنى وأعرف في كلام العرب لأنه يقال ما فلان إلا مسحور أي مخدوع كما قال تعالى: {إني لأظنك يا موسى مسحورا}.
أي مخدوعا قال الشاعر:
أرانا موضعين لحتم غيب ** ونسحر بالطعام وبالشراب

.. نعلل بهما فكأنهما نخدع ويبينه قوله تعالى: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال} وقال في موضع أخر ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر.
58- وقوله جل وعز: {وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا} قال مجاهد أي ترابا وهو قول الفراء وقال أبو عبيدة والكسائي يقال منه رفت رفتا أي حطم.
59- ثم قال جل وعز: {إئنا أي لمبعوثون خلقا جديدا} أي مجددا.
60- ثم قال جل وعز: {قل كونوا حجارة أو حديدا} قال مجاهد أي ما شئتم فستعادون قال أبو جعفر وهذا قول حسن لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا حجارة وإنما المعنى أنهم قد أقروا بخالقهم وأنكروا البعث فقيل لهم استشعروا أن تكونوا ما شئتم فلو كنتم حجارة أو حديدا لبعثتم كما خلقتم أول مرة.
61- ثم قال عز وجل: {أو خلقا مما يكبر في صدوركم} أي يعظم قال ابن عمر ومجاهد وعكرمة وأبو صالح والضحاك في قوله تعالى: {أو خلقا مما يكبر في صدوركم} هو الموت وفي الحديث: «أنه يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار».
62- وقوله جل وعز: {فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو} أي يحركونها من فوق إلى أسفل ومن أسفل إلى فوق كما يفعل المتعجب المستبطئ للشيء يقال أنغض رأسه فنغض ينغض وينغض وينغض أي تحرك.
63- وقوله جل وعز: {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده} قال سفيان أي بأمره والمعنى عند أهل التفسير مقرين أنه خالقكم.
64- وقوله جل وعز: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم} أي يفسد ويهيج.
65- وقوله جل وعز: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} وقرأ عبد الله بن مسعود أولئك الذين تدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة قال هؤلاء من العرب عبدوا أناسا من الجن فاسلم الجنيون ولم يعلم الذين عبدوهم.
وروى شعبة عن السدي عن أبى صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} قال عيسى وعزير وقيل الملائكة الذين عبدوهم قوم من العرب.
66- وقوله جل وعز: {وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا} قال مجاهد مبيدوها أو معذبوها.
67- ثم قال جل وعز: {كان ذلك في الكتاب مسطورا} أي مكتوبا يقال سطر إذا كتب روى عن عبد الله بن عباس أنه قال أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما هو كائن.
68- وقوله جل وعز: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون} هذه آية مشكلة وفي الكلام حذف والمعنى ما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحتموها إلا أن تكذبوا بها فتهلكوا كما فعل بمن كان قبلكم وقد أخر الله أمر هذه الأمة إلى يوم القيامة فقال سبحانه بل الساعة موعدهم.
69- ثم قال جل وعز: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} قال مجاهد أي آية والمعنى ذات إبصار يبصر بها ويتبين بها صدق صالح عليه السلام.
70- ثم قال جل وعز: {فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} أي فظلموا بتكذيبهم بها.
71- وقوله جل وعز: {وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس} روى شعبة عن أبي رجاء عن الحسن قال عصمك منهم وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هم في قبضته.